Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 78

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ" أَيْ وَمِنْ أَهْل الْكِتَاب قَالَهُ مُجَاهِد : وَالْأُمِّيُّونَ جَمْع أُمِّيّ وَهُوَ الرَّجُل الَّذِي لَا يُحْسِن الْكِتَابَة . قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَغَيْر وَاحِد وَهُوَ ظَاهِر فِي قَوْله تَعَالَى " لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَاب " أَيْ لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ . وَلِهَذَا فِي صِفَات النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّهُ الْأُمِّيّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحْسِن الْكِتَابَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا كُنْت تَتْلُوا مِنْ قَبْله مِنْ كِتَاب وَلَا تَخُطّهُ بِيَمِينِك إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا " الْحَدِيث أَيْ لَا نَفْتَقِر فِي عِبَادَتنَا وَمَوَاقِيتهَا إِلَى كِتَاب وَلَا حِسَاب وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ " وَقَالَ اِبْن جَرِير : نَسَبَتْ الْعَرَب مَنْ لَا يَكْتُب وَلَا يَخُطّ مِنْ الرِّجَال إِلَى أُمّه فِي جَهْله بِالْكِتَابِ دُون أَبِيهِ . قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَوْل خِلَاف هَذَا وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد عَنْ بِشْر بْن عُمَارَة عَنْ أَبِي رَوْق عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ " قَالَ الْأُمِّيُّونَ قَوْم لَمْ يُصَدِّقُوا رَسُولًا أَرْسَلَهُ اللَّه وَلَا كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّه فَكَتَبُوا كِتَابًا بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ قَالُوا لِقَوْمٍ سَفَلَة جُهَّال هَذَا مِنْ عِنْد اللَّه وَقَالَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ سَمَّاهُمْ أُمِّيِّينَ لِجُحُودِهِمْ كَتَبَ اللَّهُ وَرُسُله ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير : وَهَذَا التَّأْوِيل تَأْوِيل عَلَى خِلَاف مَا يَعْرِف مِنْ كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَفِيض بَيْنهمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمِّيّ عِنْد الْعَرَب الَّذِي لَا يَكْتُب . قُلْت ثُمَّ فِي صِحَّة هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس بِهَذَا الْإِسْنَاد نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَوْله تَعَالَى " إِلَّا أَمَانِيّ " قَالَ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس إِلَّا أَمَانِيّ الْأَحَادِيث وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " إِلَّا أَمَانِيّ " يَقُول إِلَّا قَوْلًا يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ كَذِبًا وَقَالَ مُجَاهِد إِلَّا كَذِبًا : وَقَالَ سُنَيْد عَنْ حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ مُجَاهِد " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَاب إِلَّا أَمَانِيّ " قَالَ أُنَاس مِنْ الْيَهُود لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ مِنْ الْكِتَاب شَيْئًا وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ بِغَيْرِ مَا فِي كِتَاب اللَّه وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ الْكِتَاب أَمَانِيّ يَتَمَنَّوْنَهَا وَعَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ نَحْوه وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع وَقَتَادَة إِلَّا أَمَانِيّ يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللَّه مَا لَيْسَ لَهُمْ وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ إِلَّا أَمَانِيّ قَالَ تَمَنَّوْا فَقَالُوا نَحْنُ مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَلَيْسُوا مِنْهُمْ قَالَ اِبْن جَرِير وَالْأَشْبَه بِالصَّوَابِ قَوْل الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ مُجَاهِد إِنَّ الْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا يَفْقَهُونَ مِنْ الْكُتُب الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى مُوسَى شَيْئًا وَلَكِنْهُمْ يَتَخَرَّصُونَ الْكَذِب . يَتَخَرَّصُونَ الْأَبَاطِيل كَذِبًا وَزُورًا وَالتَّمَنِّي فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ تَخَلُّق الْكَذِب وَتَخَرُّصه وَمِنْهُ الْخَبَر الْمَرْوِيّ عَنْ عُثْمَان بْن عَفَّان - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - مَا تَغَنَّيْت وَلَا تَمَنَّيْت يَعْنِي مَا تَخَرَّصْت الْبَاطِل وَلَا اِخْتَلَقْت الْكَذِب . وَقِيلَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " إِلَّا أَمَانِيّ " بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف أَيْضًا أَيْ إِلَّا تِلَاوَة فَعَلَى هَذَا يَكُون اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِعًا وَاسْتَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى " إِلَّا إِذَا تَمَنَّى " أَيْ تَلَا " أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أَمْنِيَّته " الْآيَة وَقَالَ كَعْب بْن مَالِك الشَّاعِر : تَمَنَّى كِتَاب اللَّه أَوَّل لَيْلَة وَآخِره لَاقَى حِمَام الْمَقَادِر وَقَالَ آخَر : تَمَنَّى كِتَاب اللَّه آخِر لَيْلَة تَمَنِّي دَاوُد الْكِتَاب عَلَى رَسَل وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَاب إِلَّا أَمَانِيّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ " أَيْ وَلَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ وَهُمْ يَجْحَدُونَ نُبُوَّتك بِالظَّنِّ وَقَالَ مُجَاهِد" وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ " يَكْذِبُونَ وَقَالَ قَتَادَة وَأَبُو الْعَالِيَة وَالرَّبِيع : يَظُنُّونَ بِاَللَّهِ الظُّنُون بِغَيْرِ الْحَقّ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تجارب للآباء والأمهات في تعويد الأولاد على الصلاة

    هل هذه شكواك من أولادك؟!! * يصلي أمامي فقط ... وعند غيابي لا يصلي! * يجمع الفروض! * تصلي ولكن بعد نقاش طويل ومحاولات متكررة! * حتى الضرب لا ينفع معه فهو عنيد! * تصلي فرضاً وتترك فرضين! * لقد تعبت، نومه ثقيل جداً! * أحسن بآلام في معدتي عندما لا يستيقظ ولدي للصلاة! * صلاتها سريعة وغير خاشعة. إذا كانت هذه معاناتك مع أولادك فحاول أن تستفيد من التجارب الناجحة للآخرين

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117121

    التحميل:

  • منهج المدرسة الأندلسية في التفسير: صفاته وخصائصه

    منهج المدرسة الأندلسية في التفسير: صفاته وخصائصه: قال المصنف - حفظه الله -: «فقد شرَّف الله هذه الأمة بنزول القرآن الكريم عليها فكانت خيرَ أمةٍ أُخرِجت للناس تأمر بأوامره، وتنهى عن نواهيه ... فهذه الأندلس أقصى البلاد الإسلامية غربًا بلغهم القرآن؛ فدرسوه وتلوه، وحفِظوه، وفسَّروه، فأعطَوه من أعمارهم، وأعطاهم من هديِه، فانكشف لهم من المعاني، وظهر لهم من المعارف، ما لم يظهر لغيرهم فذهبوا يكتبون ويُدوِّنون، فإذا تفاسيرهم رائدة التفاسير. فحُقَّ لهذا العلم ولهؤلاء العلماء أن يحتفل به وأن يحتفل بهم، ولئن ضاقَت هذه العُجالة عن استيعاب مزايا تفسيرهم، وقواعد منهجهم، فلن تضيق عن الإشارة إليها».

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364110

    التحميل:

  • المناهل الحسان في دروس رمضان

    المناهل الحسان في دروس رمضان: قال المؤلف - رحمه الله -: « فبما أن صيام شهر رمضان، الذي هو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام فريضة مُحكمة، كتبها الله على المسلمين كما كتبها على الذين من قبلهم من الأمم السابقة، والأجيال الغابرة تحقيقاً لمصالحهم وتهذيباً لنفوسهم لينالوا من ثمرة التقوى ما يكون سبباً للفوز برضا ربهم، وحلول دار المقامة. وحيث أني أرى أن الناس في حاجة إلى تبيين أحكام الصيام، والزكاة، وصدقة الفطر، وصدقة التطوع، وقيام رمضان، وأنهم في حاجة إلى ذكر طرف من آداب تلاوة القرآن ودروسه، والحث على قراءته، وأحكام المساجد، والاعتكاف، فقد جمعت من كُتب الحديث والفقه ما رأيت أنه تتناسب قراءته مع عموم الناس، يفهمه الكبير والصغير، وأن يكون جامعاً لكثيرٍ من أحكام ما ذُكر، ووافياً بالمقصود، وقد اعتنيت حسب قدرتي ومعرفتي بنقل الحكم والدليل أو التعليل أو كليهما وسميته: "المناهل الحسان في دروس رمضان ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2583

    التحميل:

  • طريق الإيمان

    طريق الإيمان: إن الواجب على كل عبدٍ أن يعرف الهدف من خلق الله - سبحانه وتعالى - له ولغيره من خلق الله، وهو: العبادة، ويعمل بكل ما آتاه الله من نعمٍ في تقوية الإيمان وتثبيته والحرص على زيادته بالأعمال الصالحة التي تنبني على علمٍ صحيحٍ مُستقًى من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وهذه الرسالة المختصرة تتناول هذا الموضوع بشيءٍ من التفصيل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339043

    التحميل:

  • الرد على شبهات حول أخطاء إملائية في القرآن الكريم

    الرد على شبهات حول أخطاء إملائية في القرآن الكريم: لا يزال أعداء الإسلام يكيدون للإسلام والمسلمين بشتَّى الصور والأشكال؛ وقد ادَّعوا وجود أخطاء إملائية في القرآن الكريم - مع أنهم لا يعرفون قراءة نصوص كتابهم أصلاً، وفي كتابهم ما لا يُستساغ من النصوص والعبارات -. وفي هذه الرسالة ردود مختصرة على هذه الشبهات المُثارة ضد كتاب الله - سبحانه وتعالى -: القرآن الكريم.

    الناشر: دار المسلم للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/346801

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة