Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة فاطر - الآية 11

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا ۚ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) (فاطر) mp3
وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى" وَاَللَّه خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة " أَيْ اِبْتَدَأَ خَلْق أَبِيكُمْ آدَم مِنْ تُرَاب ثُمَّ جَعَلَ نَسْله مِنْ سُلَالَة مِنْ مَاء مَهِين " ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا " أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى لُطْفًا مِنْهُ وَرَحْمَة أَنْ جَعَلَ لَكُمْ أَزْوَاجًا مِنْ جِنْسكُمْ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَمَا تَحْمِل مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَع إِلَّا بِعِلْمِهِ " أَيْ هُوَ عَالِم بِذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء بَلْ " مَا تَسْقُط مِنْ وَرَقَة إِلَّا يَعْلَمهَا وَلَا حَبَّة فِي ظُلُمَات الْأَرْض وَلَا رَطْب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى قَوْله تَعَالَى : " اللَّه يَعْلَم مَا تَحْمِل كُلّ أُنْثَى وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام وَمَا تَزْدَاد وَكُلّ شَيْء عِنْده بِمِقْدَارٍ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْكَبِير الْمُتَعَال " وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب " أَيْ مَا يُعْطَى بَعْض النُّطَف مِنْ الْعُمُر الطَّوِيل يَعْلَمهُ وَهُوَ عِنْده فِي الْكِتَاب الْأَوَّل " وَمَا يُنْقَص مِنْ عُمْره " الضَّمِير عَائِد عَلَى الْجِنْس لَا عَلَى الْعَيْن لِأَنَّ الطَّوِيل الْعُمُر فِي الْكِتَاب وَفِي عِلْم اللَّه تَعَالَى لَا يُنْقَص مِنْ عُمُره وَإِنَّمَا عَادَ الضَّمِير عَلَى الْجِنْس قَالَ اِبْن جَرِير وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ عِنْدِي ثَوْب وَنِصْفه أَيْ وَنِصْف ثَوْب آخَر وَرُوِيَ مِنْ طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى : " وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير" يَقُول لَيْسَ أَحَد قَضَيْت لَهُ بِطُولِ الْعُمُر وَالْحَيَاة إِلَّا وَهُوَ بَالِغ مَا قَدَّرْت لَهُ مِنْ الْعُمُر وَقَدْ قَضَيْت ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّمَا يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَاب الَّذِي قَدَّرْت لَا يُزَاد عَلَيْهِ وَلَيْسَ أَحَد قَدَّرْت لَهُ أَنَّهُ قَصِير الْعُمُر وَالْحَيَاة بِبَالِغٍ الْعُمُر وَلَكِنْ يَنْتَهِي إِلَى الْكِتَاب الَّذِي كَتَبْت لَهُ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير " يَقُول كُلّ ذَلِكَ فِي كِتَاب عِنْده وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ " وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب " قَالَ مَا لَفَظَت الْأَرْحَام مِنْ الْأَوْلَاد مِنْ غَيْر تَمَام وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن فِي تَفْسِيرهَا أَلَا تَرَى النَّاس يَعِيش الْإِنْسَان مِائَة سَنَة وَآخَر يَمُوت حِين يُولَد فَهَذَا هَذَا وَقَالَ قَتَادَة وَاَلَّذِي يُنْقَص مِنْ عُمُره فَاَلَّذِي يَمُوت قَبْل سِتِّينَ سَنَة وَقَالَ مُجَاهِد " وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره إِلَّا فِي كِتَاب " أَيْ فِي بَطْن أُمّه يُكْتَب لَهُ ذَلِكَ لَمْ يُخْلَق الْخَلْق عَلَى عُمُر وَاحِد بَلْ لِهَذَا عُمُر وَلِهَذَا عُمُر هُوَ أَنْقَص مِنْ عُمُره فَكُلّ ذَلِكَ مَكْتُوب لِصَاحِبِهِ بَالِغ مَا بَلَغَ وَقَالَ بَعْضهمْ بَلْ مَعْنَاهُ " وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر " أَيْ مَا يُكْتَب مِنْ الْأَجَل" وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره " وَهُوَ ذَهَابه قَلِيلًا قَلِيلًا الْجَمِيع مَعْلُوم عِنْد اللَّه تَعَالَى سَنَة بَعْد سَنَة وَشَهْرًا بَعْد شَهْر وَجُمُعَة بَعْد جُمُعَة وَيَوْمًا بَعْد يَوْم وَسَاعَة بَعْد سَاعَة الْجَمِيع مَكْتُوب عِنْد اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابه . نَقَلَهُ اِبْن جَرِير عَنْ أَبِي مَالِك وَإِلَيْهِ ذَهَبَ السُّدِّيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَاخْتَارَ اِبْن جَرِير الْأَوَّل وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَيْد بْن سُلَيْمَان قَالَ سَمِعْت اِبْن وَهْب يَقُول حَدَّثَنِي يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ أَنَس بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَط لَهُ فِي رِزْقه وَيُنْسَأ لَهُ فِي أَثَره فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث يُونُس بْن يَزِيد الْأَيْلِيّ بِهِ . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْوَلِيد حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك بْن عُبَيْد اللَّه أَبُو سَرْح حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَطَاء عَنْ مُسْلِمَة بْن عَبْد اللَّه عَنْ عَمّه أَبِي مسجعة بْن رِبْعِيّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : ذُكِرْنَا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يُؤَخِّر نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلهَا وَإِنَّمَا زِيَادَة الْعُمُر بِالذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَة يُرْزَقهَا الْعَبْد فَيَدْعُونَ لَهُ مِنْ بَعْده فَيَلْحَقهُ دُعَاؤُهُمْ فِي قَبْره فَذَلِكَ زِيَادَة الْعُمُر " وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير " أَيْ سَهْل عَلَيْهِ يَسِير لَدَيْهِ عِلْم بِذَلِكَ وَبِتَفْصِيلِهِ فِي جَمِيع مَخْلُوقَاته فَإِنَّ عِلْمه شَامِل لِلْجَمِيعِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مختصر تفسير ابن كثير [ عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير ]

    مختصر تفسير ابن كثير [ عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير ] : هذا مختصر تفسير ابن كثير للشيخ أحمد شاكر، وقد حافظ المختصر على ميزات الأصل، وهي: تفسير القرآن بالقرآن، وجمع الآيات التي تدل على المعنى المراد من الآية المفسرة أو تؤيده أو تقويه، ثم التفسير بالسنة الصحيحة، ثم ذِكْرُ كثير من أقوال السلف في تفسير الآي. وحذف أسانيد الأحاديث مكتفياً بذكر الصحابي وتخريج ابن كثير له، كما حذف كل حديث ضعيف أو معلول – في تقديره طبعاً –، وحذف المكرر من أقوال الصحابة والتابعين اكتفاء ببعضها، وحذف الأخبار الإسرائيلية وما أشبهها، وما أطال به المؤلف من الأبحاث الكلامية والفروع الفقهية، والمناقشات اللغوية واللفظية مما لا يتصل بتفسير الآية اتصالاً وثيقاً. واقتصر في الأحاديث الطويلة والأحداث التاريخية المطولة على موضع الشاهد منها. وقد حافظ المختصر على آراء الحافظ المؤلف وترجيحاته في تفسير الآيات، مجتهداً في إبقاء كلامه بحروفه ما استطاع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141382

    التحميل:

  • وفروا اللحى وأحفوا الشوارب

    وفروا اللحى وأحفوا الشوارب: رسالة في بيان حكم إعفاء اللحية، وتعريف الشارب وصفة الأخذ منه، وتعريف اللحية وما يكره فيها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1937

    التحميل:

  • القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : هذه الرسالة مكونة من مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة: - فالمقدمة تشتمل على ما يلي: 1- معنى المعروف والمنكر لغةً. 2- معنى المعروف والمنكر شرعًا. 3- المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما وانفراد أحدهما. 4- عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله. 5- واجب العلماء وتحذيرهم من التقصير في العمل. - والباب الأول: في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والفصل الثاني: في حكم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من القادر. والفصل الثالث: في شروط المتصدي للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - والباب الثاني: في إنكار المنكر، وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: في كيفية الإنكار. والفصل الثاني: في درجات الإنكار. والفصل الثالث: في مرتبتي تغيير المنكر أو طريقي الدعوة إلى الله. - والباب الثالث: في الأحوال التي يسقط فيها وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: في الحال الأولى. والفصل الثاني: في الحال الثانية. والفصل الثالث: في الحال الثالثة. - والخاتمة تشتمل على ما يلي: 1- خطر المداهنة في دين الله. 2- الفرق بين المداراة والمداهنة. 3- الحكمة في مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 4- المفاسد المترتبة على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 5- الحامل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144918

    التحميل:

  • ما لا بد من معرفته عن الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاقاً

    هذا الكتاب يحتوي على ما لا بد من معرفته عن الإسلام بأسلوب سهل وموجز في العقيدة والعبادات والآداب والأخلاق وغيرها، ويستطيع القارئ له أن يكون لديه فكرة واضحة عن دين الإسلام، ويصلح أن يكون مرجعاً أوليّاً في أحكامه وآدابه وأوامره ونواهيه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66747

    التحميل:

  • فقه الاستشارة

    فقه الاستشارة: فمن خلال مُعايَشتي للقرآن الكريم، والوقوف مع آياته، والتفكُّر بما فيه من دروس ومعالم، وقفتُ أمام موضوع تكرَّر ذكره في القرآن الكريم، أمرًا وخبرًا وممارسةً، وذلكم هو موضوع المشاورة والشورى. وقد قمتُ بحصر المواضع التي ورد فيها هذا الأمر، ثم تأمَّلتُ فيها، ورجعتُ إلى كلام المُفسِّرين وغيرهم، ومن ثَمَّ رأيتُ أن الموضوع مناسب لأَن يُفرَد برسالة تكون زادًا للدعاة وطلاب العلم، وبخاصة مع الحاجة الماسة لذلك.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337576

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة