Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 96

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) (الأنعام) mp3
وَقَوْله " فَالِق الْإِصْبَاح وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا " أَيْ خَالِق الضِّيَاء وَالظَّلَام كَمَا قَالَ فِي أَوَّل السُّورَة " وَجَعَلَ الظُّلُمَات وَالنُّور" أَيْ فَهُوَ سُبْحَانه يَفْلِق ظَلَام اللَّيْل عَنْ غُرَّة الصَّبَاح فَيُضِيء الْوُجُود وَيَسْتَنِير الْأُفُق وَيَضْمَحِلّ الظَّلَام وَيُذْهِب اللَّيْل بِسَوَادِهِ وَظَلَام رِوَاقه وَيُجَيِّئ النَّهَار بِضِيَائِهِ وَإِشْرَاقه كَقَوْلِهِ " يُغْشِي اللَّيْل النَّهَار يَطْلُبهُ حَثِيثًا" فَبَيَّنَ تَعَالَى قُدْرَته عَلَى خَلْق الْأَشْيَاء الْمُتَضَادَّة الْمُخْتَلِفَة الدَّالَّة عَلَى كَمَالِ عَظَمَته وَعَظِيم سُلْطَانه فَذَكَرَ أَنَّهُ فَالِق الْإِصْبَاح وَقَابَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا " أَيْ سَاجِيًا مُظْلِمًا لِتَسْكُن فِيهِ الْأَشْيَاء كَمَا قَالَ " وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذَا سَجَى " وَقَالَ" وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى " وَقَالَ " وَالنَّهَار إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَاهَا " وَقَالَ صُهَيْب الرُّومِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ عَاتَبَتْهُ فِي كَثْرَة سَهَره : إِنَّ اللَّه جَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا إِلَّا لِصُهَيْب إِنَّ صُهَيْبًا إِذَا ذَكَرَ الْجَنَّة طَالَ شَوْقُهُ وَإِذَا ذَكَرَ النَّار طَارَ نَوْمُهُ . رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم . وَقَوْله " وَالشَّمْس وَالْقَمَر حُسْبَانًا " أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مُقَنَّن مُقَدَّر لَا يَتَغَيَّر وَلَا يَضْطَرِب بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنَازِل يَسْلُكهَا فِي الصَّيْف وَالشِّتَاء فَيَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار طُولًا وَقِصَرًا كَمَا قَالَ " هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِل " الْآيَة . وَكَمَا قَالَ لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابِق النَّهَار وَكُلّ فِي فَلَك يَسْبَحُونَ وَقَالَ " وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم مُسَخَّرَات بِأَمْرِهِ " وَقَوْله " ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " أَيْ الْجَمِيع جَارٍ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيز الَّذِي لَا يُمَانِع وَلَا يُخَالِف الْعَلِيم بِكُلِّ شَيْء فَلَا يَعْزُب عَنْ عِلْمه مِثْقَال ذَرَّة فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَكَثِيرًا مَا إِذَا ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى خَلْق اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر يَخْتِم الْكَلَام بِالْعِزَّةِ وَالْعِلْم كَمَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَة وَكَمَا فِي قَوْله " وَآيَة لَهُمْ اللَّيْل نَسْلُخ مِنْهُ النَّهَار فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " وَلَمَّا ذَكَرَ خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ فِي أَوَّل سُورَة حم السَّجْدَة قَالَ " وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • التقليد والإفتاء والاستفتاء

    التقليد والإفتاء والاستفتاء: بيان معنى التقليد لغة، ومعناه اصطلاحًا، وأمثلة له، ونتائج من تعريف التقليد وأمثلته، ووجه الارتباط بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، والفرق بين التقليد والإتباع، ونبذة تاريخية عن أدوار الفقه ومراحله، ومتى كان دور التقليد؟ ثم بيان أقسامه، وأسبابه ومراحله، ثم بيان أقسام المفتي وما يتعلق به، ثم بيان أقسام المستفتي وبعض المسائل المتعلقة به ... إلخ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1978

    التحميل:

  • الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

    الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة: يتكون هذا الكتاب من جزئين: الجزء الأول: يحتوي على 150 درسًا يوميًّا للدعاة والخطباء وأئمة المساجد للقراءة على المصلين. الجزء الثاني: يحتوي على 100 درسًا. - قدَّم للكتاب مجموعة من المشايخ، وهم: الشيخ عبد العزيز الراجحي، والشيخ ناصر بن سليمان العمر، والشيخ سعد بن عبد الله الحُميد، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد - حفظهم الله تعالى -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/197324

    التحميل:

  • علماء الشيعة يقولون..!

    علماء الشيعة يقولون: هذا الكتاب يبين لك ما أخفاه علماء الشيعة تقية على أهل السنة وعوام الشيعة من كتبهم المتداولة بينهم والتي منعوا عوام الشيعة من قراءتها أيضاً. لقد جاء هذا الكتاب ليوقفك أمام الحقيقة، فلا تحتاج بعدها أن ترجع لأحد يؤكد لك صحة ما تراه أو تشاهده من حقائق... جاء هذا الكتاب كشفاً للغشاوة ومفتاحاً للقلوب، جاء ليخاطب منك فؤاداً حياً وقلبا صادقاً طالما بحث عن الحق وسعى إليه. ويتكون الكتاب من 9 فصول، وهي: • الفصل الأول: القرآن الكريم. • الفصل الثاني: الشرك بالله. • الفصل الثالث: الغلو في الأئمة. • الفصل الرابع: النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار. • الفصل الخامس: الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم. • الفصل السادس: اتهام المسلمين وتكفيرهم. • الفصل السابع: عقيدة الشيعة في الأئمة الأربعة. • الفصل الثامن: مهدي الشيعة. • الفصل التاسع: نكاح المتعة..!

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337626

    التحميل:

  • تذكير الأنام بأحكام السلام

    تذكير الأنام بأحكام السلام : في هذا البحث ما تيسر من فضل السلام، والأمر بإفشائه وكيفيته وآدابه واستحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه واستحباب السلام إذا دخل بيته، ومشروعية السلام على الصبيان، وسلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209176

    التحميل:

  • الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل

    الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل: في هذا الكتاب أوضح المؤلف - حفظه الله - مسائل الإيمان والكفر، وقسَّم ذلك في ستة فصول، وهي: الفصل الأول: ثمرات الإيمان، ومفهوم الإسلام والإيمان. الفصل الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه، ومراتبه. الفصل الثالث: الاستثناء في الإيمان. الفصل الرابع: في الكفر والتكفير. الفصل الخامس: موانع التكفير. الفصل السادس: الصغائر والكبائر، وموانع إنفاذ الوعيد.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355723

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة